تأثير التصورات الخاطئة عن الأعراف الاجتماعية على مشاركة الإناث في قوة العمل بالمملكة العربية السعودية
- Job seekers
- Women and girls
- Employment
- Women’s/girls’ decision-making
- Information
- Norms change
في المملكة العربية السعودية، تفرض الأعراف الاجتماعية على النساء ضرورة أخذ موافقة الرجل "ولىّ الأمر" (وعادةً ما يكون الأب أو الزوج) على خروجهن للعمل. وتعتبر السعودية من أقل البلدان من حيث معدلات مشاركة النساء في سوق العمل، فقد سجلت نسبة أقل من 15% للإناث فوق سن 15 سنة في عام 2017. فبينما يدعم غالبية الرجال السعوديين بالفعل مشاركة الإناث في قوة العمل، إلا أنهم يعتقدون بأن أقرانهم من الرجال الآخرين لا يدعمون الأمر بنفس المستوى. وقام الباحثون بتقييم ما إذا كان عرض بعض المعلومات على الرجال السعوديين، حول آراء الرجال الآخرين بشأن مشاركة الإناث في سوق العمل، سيؤثر على استعدادهم للسماح لزوجاتهم بالعمل خارج المنزل. وقد أظهرت زوجات الرجال الذين تلقوا هذه المعلومات استعدادًا ملحوظًا بشكل أكبر للتقدم وإجراء المقابلات للحصول على وظيفة خارج المنزل.
الموضوع الأساسي
في السنوات الأخيرة، سعت عديد من البلدان حول العالم لزيادة معدلات مشاركة الإناث في قوة العمل وسد الفجوة القائمة بين الجنسين في هذا الشأن. وما زالت مشاركة الإناث في القوى العاملة منخفضة في معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل خاص. حيث يعتبر كل من : التمييز على أساس النوع الاجتماعي في قطاعات معينة، البيئة المعادية للمرأة في أماكن العمل، والأعراف الاجتماعية هى العوائق أمام مشاركة الإناث في سوق العمل.
في بعض الحالات، يرفض الناس تلك الأعراف التي توصم عمل النساء، لكنهم يترددون في الجهر بتلك الآراء والتصرف وفقًا لها خشية من العواقب الاجتماعية ورد فعل المجتمع المعارض للأمر. وعلى الرغم من ذلك، فهل إذا ما تم مشاركة وتداول تلك الآراء بين أغلبية المجتمع، ستتصحح المفاهيم الخاطئة لدى الآخرين، وسيكون لذلك أثر إيجابى على مشاركة الإناث في سوق العمل؟
سياق التقييم
يتم إجراء التقييم بمدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية. حيث قامت الحكومة السعودية برفع الحظر عن حق النساء في قيادة السيارات. وبينما تساهم مثل تلك الإجراءات في تخفيف القيود عن حرية الحركة والتنقل للنساء وتحسين وصولهن لفرص العمل، إلا أنه ما زال هناك عديد من العوائق الأخرى. منها على سبيل المثال، التزام النساء المتزوجات بالحصول على موافقة الزوج بشأن عملهن قبل قبول تعيينهن في الوظائف. وبالتالي فحتى و إن كان الزوج يرفض سرًا وبشكل شخصي الأعراف الاجتماعية، سيظل مجبرًا على التصرف واتخاذ القرارات وفقًا لتلك الأعراف و على عكس ما يعتقده بشكل شخصي خوفًا من التعرض للاستهجان والنقد المجتمعي.
تم إجراء ذلك التقييم بالشراكة مع الفرع المحلي لإحدى شركات المسوحات والاستبيانات العالمية. وقام الباحثون بتحديد عينة من 500 رجل متزوج في المرحلة العمرية من 18 إلى 35 سنة، من خلال أحد قواعد بيانات شركات التوظيف، للمشاركة في الدراسة. وتم اشتراط أن يكون رجال العينة قد حصلوا على بعض التعليم الجامعي على الأقل ويمتلكون هاتف ذكي. وبتطبيق استبيان إلكتروني مُجهّل، وافق 87 في المئة من أولئك المشاركين على الجملة التالية : "في رأيي، يجب أن يتم السماح للنساء بالعمل خارج المنزل." وفي مرحلة خط الأساس، كان 65 في المئة من زوجات المشاركين موظفات بالفعل، لكن خلال مسح المتابعة تم اكتشاف أن 8 في المئة فقط من زوجات المشاركين يعملن خارج المنزل.
معلومات تفصيلية عن التدخل
قام الباحثون بإتاحة معلومات بسيطة للرجال بالمملكة العربية السعودية عن آراء ومفاهيم رجال آخرين بشأن مشاركة الإناث في سوق العمل، وتقييم أثر إتاحة تلك المعلومات على مدى استعدادهم للسماح لزوجاتهن بالعمل خارج المنزل.
حضر المشاركون عدد من الجلسات مع 29 شخص آخر من مناطق جغرافية متشابهة، وتشارك العديد منهم مع نفس الشبكات الاجتماعية؛ حيث أفاد متوسط عدد المشاركين بمعرفة 15 فرد من الـ29 شخص الآخرين المنضمين للجلسات. وخلال الجلسات يقوم المشاركون بمليء استبيانات مُجهّلة باستخدام هواتفهم النقالة الذكية، حيث يجيبون على أسئلة بشأن آراءهم حول مجموعة موضوعات متعلقة بسوق العمل، ومن ضمنها عمل النساء خارج المنزل. وطُلِب من المشاركين أيضًا تخمين عدد الأشخاص من مجموعة الـ 29 شخص سيوافقون على جمل محددة في الاستبيان بشأن مشاركة النساء في سوق العمل. وصاحب أقرب تخمين من المشاركين سيحصل على قسيمة مشتريات من شركة أمازون بقيمة 20 دولار أمريكي.
وبعد ذلك سيتم توزيع نصف عدد المشاركين عشوائيًا لتلقي معلومات عن إجابات المشاركين الآخرين المتعلقة بمشاركة النساء في سوق العمل. أما النصف الآخر فسيمثل مجموعة المقارنة التي لن تتلقى أي معلومات.
وفي المرحلة اللاحقة لتطبيق الاستبيانات، تم توفير معلومات لكافة المشاركين حول شركة سعودية ناشئة لديها منصة إلكترونية تعمل على مساعدة النساء السعوديات الباحثات عن عمل في إيجاد فرص الوظائف المناسبة لهن. وطُلٍب من المشاركين الاختيار بين تلقي قسيمة مشتريات أمازون بقيمة 5 دولار أمريكي، وبين فرصة تسجيل بيانات زوجاتهن بالمنصة الإلكترونية للشركة للحصول على ما تقدمه من خدمات التوظيف. وتتضمن خدمات الشركة إرسال بريد إلكتروني أسبوعي يشمل إعلانات الوظائف المتاحة للعمل من خارج المنزل للنساء بالمناطق الجغرافية التي يقطن بها المشاركين. ثم طُلِب من المشاركين، الذين اختاروا تسجيل زوجاتهن، إعطاء بيانات الاتصال الخاصة بهن.
وبعد مرور من ثلاثة إلى خمسة أشهر، قام الباحثون بالتعاون مع نفس شركة المسوح بتقدير الأثر ذي المدى الأبعد لذلك التدخل على نتاجات سوق العمل، وذلك من خلال مقابلات عبر الهاتف لسؤال المشاركين عدد من الأسئلة حول حالة توظُف زوجاتهن.
النتائج والدروس المستفادة بشأن السياسات
التصورات عن آراء المشاركين الآخرين: وجد الباحثون أن 72 في المئة تقريبًا من المشاركين في الدراسة قد قللوا تقدير مدى دعم المشاركين الآخرين لمشاركة النساء في سوق العمل. كما وجدوا أيضًا أدلة تشير لحدوث تغير ثابت ومستمر في تصورات وتوجهات الرجال، الذين تلقوا المعلومات بشأن آراء أقرانهم وجيرانهم الداعمين لمشاركة النساء في سوق العمل.
أثر اختيار خدمات التوظيف: فقد زادت المعرفة عن آراء المشاركين الآخرين من نسبة الرجال الذين قاموا بالتسجيل في خدمات التوظيف بمقدار 9 نقاط مئوية عن نسبة 23 في المئة في مجموعة المقارنة (زيادة بنسبة 36 في المئة). ويمكن أن نُرجع سبب تلك الزيادة لأولئك الأشخاص الذين أخطأوا تقدير عدد داعمي مشاركة النساء أثناء الجلسات بعدد أقل من الصحيح. فبين أولئك الأشخاص، ارتفعت نسبة التسجيل في خدمات التوظيف بمقدار 12 نقطة مئوية (زيادة بنسبة 57 في المئة) أعلى من نسبة الـ 21 في المئة من الرجال بمجموعة المقارنة الذين أخطأوا تقدير عدد الداعمين أيضًا. وعلى الرغم من ذلك فإن معرفة آراء المشاركين الآخرين لم تغير نسبة التسجيل في خدمات التوظيف بين أولئك الرجال الذين أصابوا تقدير عدد الداعمين لمشاركة النساء في سوق العمل.
آثار المدى الأبعد على السلوك والمعتقدات: كانت زوجات المشاركين، الذين تلقوا معلومات حول آراء المشاركين الآخرين، الأكثر أرجحية بشكل كبير أن يتقدمن لشغل وظائف خارج المنزل بمقدار 10 نقاط مئوية مقارنة بـ6 نقاط مئوية في مجموعة المقارنة (زيادة بنسبة 180 في المئة). وهن أيضًا الأكثر أرجحية أن يصلن لمرحلة مقابلة لشغل وظيفة خارج المنزل بمقدار 5 نقاط مئوية مقارنة بنقطة واحدة مئوية في مجموعة المقارنة (زيادة بنسبة 449 في المئة). وإضافة لذلك، فإن أولئك المشاركين، الذين تلقوا معلومات حول آراء المشاركين الآخرين بشأن مشاركة النساء في سوق العمل، كانوا الأكثر ميلًا بشكل ملحوظ للتصريح بأنهم سيقومون بتسجيل زوجاتهم لتلقي دورة تعليم قيادة السيارة.
تشير تلك النتائج إلى أن توفير معلومات من شأنها تصحيح التصورات الخاطئة بشأن الأعراف والمعتقدات الاجتماعية ربما يساعد في رفع وتخفيف القيود عن مشاركة الإناث في سوق العمل. وهناك حاجة للمزيد من البحث لتحقيق فهم أفضل حول الأسباب الجذرية وراء الوضع الاجتماعي السلبى للنساء العاملات، إلى جانب كيفية اتخاذ النساء للقرارات المتعلقة بسوق العمل في ظل هذا السياق.